لمحة
زينب شمس والنساء كواكب، قصة مشهورة لدى العرب تحكي لنا عن العقل الراجح عند النساء فهل قرأتها قبل اليوم؟
بداية قصة زينب شمس
عن الشعبي قال: لقيني شريح فقال: يا شعبي، عليك بنساء بني تميم، فإني رأيت لهن عقولاً.
قال: وما رأيت من عقولهن ؟
قال: أقبلت من جنازة ظهراً، فمررت بدورهم، فإذا أنا بعجوز على باب دار، وإلى جنبها جارية كأحسن ما رأيت من الجواري، فعدلت فاستسقيت، وما بي عطش.
فقالت: أي الشراب أحب إليك؟ فقلت: ما تيسر.
قالت : ويحك! يا جارية إيتيه بلبن، فإني أظن الرجل غريباً ..
قلت: من هذه الجارية؟
قالت: هذه زينب بنت جرير إحدى نساء بني حنظلة.
قلت: فارغة هي أم مشغولة؟
قالت: بل فارغة.
قلت: زوجينيها.
قالت: إن كنتَ لها كفواً، وهي لغة تميم.
فمضيت إلى المنزل، فذهبت لأَقيل، فامتنعت مني القائلة، فلما صلّيت الظهر أخذتُ بأيدي إخواني من القراء الأشراف: علقمة، والأسود، والمسيب، وموسى بن عرفطة، ومضيت أريد عمها.
فاستقبل فقال: يا أبا أمية، حاجتك؟
قلت: زينب بنت أخيك.
قال: ما بها رغبة عنك.
الزواج من زينب
فأنكحنيها، فلما صارت في حبالي ندمت، وقلت: أي شيء صنعت بنساء بني تميم ؟
وذكرت غلظ قلوبهن، فقلت: أطلّقها، ثم قلت: لا، ولكن أضمّها إليّ، فإن رأيت ما أحبُّ وإلا كان ذلك.
فلو رأيتني يا شعبي وقد أقبل نساؤهم يهدينها حتى أدخلت علي
فقلتُ: إنّ من السنة إذا دخلت المرأة على زوجها أن يقوم فيصلي ركعتين، فيسأل الله من خيرها ويعوذ به من شرها
فصلّيت وسلّمت، فإذا هي من خلفي تصلّي بصلاتي، فلما قضيت صلاتي أتتني جواريها، فأخذن ثيابي وألبسنني ملحفة قد صبغت في عكر العصفر.
فلما خلا البيت دنوت منها، فمددت يدي إلى ناصيتها فقالت: على رسلك أبا أمية كما أنت،
ثم قالت: الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأصلي على محمد وآله، إني امرأةٌ غريبة لا علم لي بأخلاقك، فبين لي ما تحب فآتيه، وما تكره فأزدجر عنه.
وقالت: إنه قد كان لك في قومك منكح، وفي قومي مثل ذلك، ولكني إذا قضى الله أمراً كان،
وقد ملكت فاصنع ما أمرك الله به: ” فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ” أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولك.
قال: فأخرجتني والله يا شعبي إلى الخطبة في ذلك الموضع.
فقلت: الحمد لله، احمده وأستعينه، وأصلّي على النبيّ وآله وسلم. وبعد، فإنك قد قلتِ كلاماً إن تثبتي عليه يكن ذلك حظّك، وإن تدعيه يكن حجّة عليك، أحبّ كذا وأكره كذا، ونحن جميع فلا تفرقي، وما رأيت من حسنة فانشريها وما رأيت من سيئة فاستريها؛ وقالت شيئاً لم أذكره: كيف محبتك لزيارة الأهل؟
قلت: ما أحب أن يملني أصهاري.
قالت: فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك آذن له، ومن تكرهه أمنعه؟
قلت: بنو فلان قوم صالحون وبنو فلان قوم سوء.
قال: فبت يا شعبي بأنعم ليلة، ومكثت معي حولاً لا أرى إلا ما أحب.
اللقاء مع والدة زينب
فلما كان رأس الحول جئت من مجلس القضاء، فإذا بعجوز تأمر وتنهى في الدار، فقلت: من هذه؟
قالوا: فلانة ختنتك، فسري عني ما كنت أجد، فلما جلست أقبلت العجوز، فقالت: السلام عليك أبا أمية.
قلت: وعليك السلام، من أنت؟
قالت: أنا فلانة ختنتك،
قلت: قربك الله.
قالت: كيف رأيت زوجتك؟
قلت: خير زوجة.
فقالت لي: أبا أمية، إن المرأة لا تكون أسوأ حالاً منها في حالين، إذا ولدت غلاماً أو حظيت عند زوجها، فإن رابك ريبٌ فعليك بالسوط، فوالله ما حاز الرجال في بيوتهم شراً من المرأة المدللة.
قلت: أما والله لقد أدبت فأحسنت الأدب، ورضت فأحسنت الرياضة.
قالت: تحب أن يزورك أختامك؟
-متى شاؤوا.
الشعر المشهور عن زينب شمس
قال: فكانت تأتيني في رأس كل حول توصيني تلك الوصية، فمكثت معي عشرين سنة لم أعتب عليها في شيء إلا مرة واحدة، وكنت لها ظالماً، وكان لي جار من كندة يقرع امرأته ويضربها، فقلتُ في ذلك:
رأيت رجالاً يضربون نساءهم
فشلت يميني حين أضرب زينبا
أأضربها في غير ذنب أتتْ به
فما العدل مني ضرب من ليس مذنبا
فزينب شمس والنساء كواكبٌ
إذا طلعت لم تبد منهن كوكبا