لمحة عن الحكمة من إرسال الله تعالى الأنبياء للناس
قبل أن نبدأ بالكلام حول ما هي الحكمة من إرسال الله تعالى الأنبياء للناس؟
وشرح النقاط الأساسية يجب أن ندرك الفرق بين النبي والرسول.
قال الله تعالى في كتابه الكريم: ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ )
اتفق العلماء على الأمر التالي
الرسول: هو كلّ إنسان اصطفاه الله تعالى وأوحى إليه بشرع وأمره بتبليغه للناس.
النبيّ: هو كلّ إنسان أوحى اللهُ تعالى إليه بشرع سواء أمره بتبليغه أم لا.
– وعلى هذا فالنبيّ أعمّ من الرسول، فكلّ رسول نبيّ، وليس كل نبيّ رسول.
– ذهب فريق من العلماء إلى أنّ الكلمتان مترادفتان، فكلّ نبي رسول وكلّ رسول نبيّ.
الحكمة من إرسال الله تعالى الأنبياء للناس
1- اطلاع الانسان على المغيبات التي تتعلق به
– الانسان كيان ماديّ ويعيش في هذا العالم المادي، ولذلك يعتبر جاهلاً جهلاً تاماً بما وراء هذا العالم المادي،
وهو بحاجة الى معرفة بعضها، لما لها علاقة بحياته ومصيره ولا يمكن الوصول لها بالعقل ولا بالجهد البشري،
مثل (وجود الملائكة والجن- والبعث والحساب- والجنة والنار- والصراط والميزان)
– فهذه الأمور لا بد له من مرجح يقول كلمة الفصل التي لا جدال فيها في ذلك.
– لذلك كان الإنسان بحاجة إلى من يؤكد له وجود هذه العوالم، ويعرفه على أحوالها.
2- إيجاد منهج صالح يضمن السعادة للإنسان
الانسان محدود العلم لا يستطيع ان يحيط بكلّ ما كان أو يحصل أو سيكون، وهو تحت مؤثرات كثيرة في الحياة
بحكم طبيعته البشرية، لذلك يعتبر الانسان غير صالح لوضع النظم الثابتة الدائمة،
بحيث يحقق العدالة من غير محاباة ولا تمييز.
– لأن النظام الثابت لا بد من أن يصدر عن علم محيط بكل شيء، وذات محررة من كل هوى ومؤثر،
ومن حكمة تضع الأمور في مواضعها، ولا يتوافر ذلك إلا في الذات الإلهية.
– لذلك يكون هناك فئة من البشر يفهم عنها البشر ما تقول، ولكنها في استعداداتها أعلى من البشر،
تكون واسطة بين السماء والأرض، حيث يلقى اليها الوحي فتقوم بتبليغ هذا الوحي الى الناس، وتشرح لهم أهدافه،
وهذه الفئة هم الرسل عليهم الصلاة والسلام.
قال الله تعالى: (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط). (سورة الحديد)
3- الهداية الى معرفة الخالق جل جلاله
الإيمان بأن لهذا العالم رباً خالقا له ومديراً لأموره فطرة عند الانسان منذ أن خلقه الله بيديه، لا يحتاج الى برهان،،
ولو ترك الانسان وشأنه من غير أن يعترض سبيله معترض ما نشأ إلا مؤمناً بوجود هذا الخالق ، ومعترفاً بحاجته إليه ،
يحس بهذا في أعماق نفسه وفقاً لفطرته السليمة، وهذا هو المعنى المقصود بقوله تعالى :
« فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون».
4- تقديم قدوة صالحة للناس
حيث يقوم الناس بالاقتداء بالرسل لأنّ الله تعالى كمّلهم بالأخلاق الحسنة، لِقولهِ تعالى:
(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً).
5-والحكمة الأخيرة من إرسال الأنبياء هي إعلام الانسان بانه مكلف ومسؤول ومختبر حتى لا تكون له حجة
– الإنسان في هذه الدنيا مكلف بأعمال يجب عليه أن يقوم بها، وهو مسؤول عما يعمله،
وهو موضوع في هذه الدار موضع الابتلاء والاختبار، وكل ما يجري عليه من أمور فانمار هو أسئلة اختبارية،
والواجب عليه أن يجيب عليها بالأجوبة الصحيحة.
– قال تعالى : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ).
فلكي يعلم الانسان أنه مكلف ومسؤول وأن حياته في هذه الدار حياة و ابتلاء واختبار،
لذلك هو بحاجة الى رسول يعلم بذلك، ولولا أن الله أرسل الى الناس الرسل مبشرين ومنذرين،
لكان لهم عذر وحجة عند ربهم يوم القيامة، عند محاسبتهم على ما يفعلون.