لمحة
البحث في الموالي من الرواة يقدم إلينا صورة مشرقة عن أثر الإسلام في إنهاض الشعوب ومحو الفروق بين الطبقات، إذ رفع من شأنهم بالرغم من أنَّ أعراف سائر الأمم تعتبر أمثالهم طبقة دنيا لا يُسمح لها أن تطمع بمساواة ساداتها، فضلاً عن أن تطمح إلى المعالي والسيادة.
لكن ديننا الإسلامي جعل سيادة الفرد وكرامته ما يتحلى به من الفضائل والخير، كما قرر القرآن: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}
فإليكم لمحة عن الموالي من الرواة والعلماء في هذه المقالة الغنية بالمعلومات القيمة.
تعريف المولى
الأصل في نسبة الراوي إلى قبيلة أن يكون منهم صليبة، كقولهم: قرشي أي من أولاد قريش، إمَّا إذا نسبوا إليها من ينتمي إليها بالولاء أضافوا كلمة مولى، فقالوا: مولى قريش، أو القرشي مولاهم.
أقسام الولاء
- العتاقة
- الإسلام
- الموالاة أي الحلف
ما الذي دفع العلماء إلى الاعتناء بمعرفة الموالي من الرواة؟
عني العلماء بمعرفة الموالي حتى لا يختلط من ينسب إلى القبيلة بالولاء مع من ينسب إليها من صلبها، وليتميز عن سميه المنسوب إليها صليبة، إذ أنَّه ربَّما نسب المولى إلى القبيلة دون التنبيه الذي ذكرناه، فيعتقد المرء أنه منهم صليبة.
أمثلة على الموالي من الرواة
عبد الرحمن بن هرمز الأعرج الهاشمي: هو مولى بني هاشم بالعتاقة.
أبو البختري الطائي: هو سعيد بن فيروز التابعي، هو مولى طيء لأنَّ سيده كان من طيء فأعتقه.
الإمام محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي: مولى الجعفيين لإسلام جده الأعلى على يد بعض الجعفيين.
الإمام مالك بن أنس الأصبحي التيمي، هو أصبحي صليبة، وتيمي بولاء الحلف، لأنَّ جده مالك بن أبي عامر كان حليفا لبني تيم.
قصة يرويها الإمام الزهري تُفصح عما بلغه الموالي من الرواة في ظل الإسلام
قال الزهري: “قدمت على عبد الملك بن مروان، فقال: من أين قدمت يا زهري؟
قلت: من مكة.
قال: فمن خلفت بها يسود أهلها؟ قلتُ: عطاء بن أبي رباح. قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قلتُ: من الموالي.
قال: وبم سادهم؟ قلت: بالديانة والرواية!! قال: إنَّ أهل الديانة والرواية ينبغي أن يسودوا.
قال: فمن يسود أهل اليمن؟ قال: قلت: طاووس بن كيسان، قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلتُ: من الموالي.
وبم سادهم؟ قلتُ: بما سادهم به عطاء. أجاب: إنَّه لينبغي.
قال: فمن يسود أهل مصر؟ قال: قلتُ: يزيد بن أبي حبيب. قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلتُ: من الموالي
قال: من يسود أهل الشام؟ قال: قلتُ: مكحول. قال: فمن العرب أم من الموالي قال: قلتُ: من الموالي، عبدٌ نوبي أعتقته امرأة من هذيل.
قال: فمن يسود أهل الجزيرة؟ قال: قلتُ: ميمون بن مهران، قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلتُ: من الموالي.
قال: فمن يسود أهل خراسان؟ قال: قلت: الضَّحاك بن مزاحم، قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلتُ: من الموالي.
قال: فمن يسود أهل البصرة؟ قال: قلتُ: الحسن بن أبي الحسن. قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلتُ: من الموالي.
قال: ويلك فمن يسود أهل الكوفة؟ قال: قلت: إبراهيم النخعي. قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلت: من العرب.
قال: ويلك يا زهري فرجت عني، والله لتسودنَّ الموالي على العرب حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها!!
قال: قلتُ: يا أمير المؤمنين، إنَّما هو أمر الله ودينه، من حفظه ساد ومن ضيعه سقط.