لمحة
حينما قدم عكرمة ليعلن إسلامه وثب النبي إليه ليستقبله؛ فرحًا بقدومه، وقال له: “مرحبًا بالراكب المهاجر”.
ولعل الحبيب عانقه، فأزال ما على قلبه من ركام الجاهلية. ولا شك أن لهذه المواقف العظيمة وغيرها من رسول الله أعظمَ الأثر في نفس هذا الصحابي العظيم.
نسبه
هو عكرمة بن أبي جهل بن هشام بن المغيرة، واسم أبي جهل عمرو، أما كنيته فهي أبو الحكم، وإنما رسول الله والمسلمون كنَّوْهُ أبا جهل، فبقيت كنيته ونسي اسمه وكنيته.
رحلة عكرمة بن أبي جهل نحو الإسلام
- كان من أشد الناس عداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلّم ومن أشدّ الناس إيذاء لأصحابه الكرام.
- كان في معركة بدر عضد أبيه (أبو جهل) يساعده في القتال ضدّ المسلمين.
- بعد وفاة أبيه (أبو جهل) في معركة بدر، اشتدّ كره عكرمة للإسلام وصار في داخله
يعادي الإسلام ثأراً لأبيه بالإضافة للكره. - قاتل خلال معركة أحد ضدّ المسلمين أشدّ القتال ولكنّه لم يجد في معركة الخندق إلا الفرار والهرب.
- بعد فتح مكّة تسلل متخفّياً من مكّة، واتجه نحو اليمن.
- اتجهت زوجته أم حكيم لعند رسول الله صلى الله عليه وسلّم مع نسوة عدّة كي يبايعن الرسول صلى الله عليه وسلّم
على الإسلام وطلبت من رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يعطي الأمان لزوجها عكرمة،
فأعطاه الرسول صلى الله عليه وسلّم الأمان بقوله: (هو آمن). - انطلقت بعدها أم حكيم كي تلتمس مكان زوجها والتقت معه عند ساحل البحر وهو يتجهّز للرحيل،
وأخبرته بالخبر وأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قد أعطاه الأمان فعاد معها. - وهب رضي الله عنه حياته للجهاد في سبيل الله عز وجل، سواءٌ في حروب الردة أو في فتوح الشام،
حتى قتِلَ شهيدًا رضي الله عنه في اليرموك.
لقاء عكرمة رضي الله عنه برسول الله صلّى الله عليه وسلّم
- جلس عكرمة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: يا محمد، إن هذه (وأشار إلى زوجته)
أخبرتني بأنك أمَّنتني…!! - فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «صَدَقَتْ، فَأَنْتَ آمِنٌ».
- قال عكرمة: إلامَ تدعو يا محمد؟
- فقال له: «أَدْعُوكَ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، وَأَنْ تقِيمَ الصَّلاةَ، وَأَنْ تؤْتِيَ الزَّكَاةَ»
وتفعل، وتفعل… وعدّد له أمور الإسلام، حتى عدَّدَ له كل الخصال الحميدة. - فقال عكرمة: ما دعوتَ إلا إلى الحق وأمر حسن جميل!!
- وهنا قال عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه: قد كنتَ -والله- فينا تدعو إلى ما دعوت إليه،
وأنت أصدقُنا حديثًا، وأَبَرُّنَا بِرًّا، فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله. - وفي لحظة واحدة انتقل عكرمة رضي الله عنه من معسكر الكفر إلى معسكر الإيمان.
- ثم قال رضي الله عنه: يا رسول الله، علمني خير شيء.
- فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «تَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأَنَّ محَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ».
- فقال عكرمة رضي الله عنه: ثم ماذا؟
- قال: «أَنْ تَقُولَ: أشْهِدُ اللهَ، وَأشْهِدُ مَنْ حَضَرَ أَنِّي مسْلِمٌ وَمهَاجِرٌ وَمجَاهِدٌ».
- فقال رضي الله عنه هذه الكلمات..
حديث عهد بالإسلام
- فقال الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يعرف أن عكرمة رضي الله عنه ما زال حديث عهد بالإسلام،
ويحاول قدر المستطاع أن يقرِّبه إلى الدين: «لا تَسْأَلُنِي الْيَوْمَ شَيْئًا أعْطِيهِ أَحَدًا إِلاَّ أَعْطَيْتُهُ لَكَ». - فلم يطلب عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه مالاً، أو سلطانًا، أو إمارة، وإنما طلب المغفرة فقال:
فإني أسألك أن تستغفر لي كل عداوة عاديتُكَهَا، أو مسيرٍ أوضعت فيه، أو مقام لقيتك فيه، أو كلام قلته في وجهك،
أو أنت غائب عنه. - فقال صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ كلَّ عَدَاوَةٍ عَادَانِيهَا، وَكلَّ مَسِيرٍ سَارَ فِيهِ إِلَى مَوْضِعٍ يرِيدُ
فِي هَذَا الْمَسِيرِ إِطْفَاءَ نورِكَ، فَاغْفِرْ لَهُ مَا نَالَ مِنِّي مِنْ عِرْضٍ فِي وَجْهِي، أَوْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهُ». - فقال رضي الله عنه: رضيتُ يا رسول الله.
- ثم قال صادقًا: لا أدع نفقةً كنت أنفقها في صدٍّ عن سبيل الله إلا أنفقت ضعفها في سبيل الله،
ولا قتالاً كنت أقاتل في صدٍّ عن سبيل الله إلا أبليت ضعفه في سبيل الله.