لمحة
مدار قبول الحديث عند المحدثين يقوم على أمرين وهما: عدالة الراوي والضبط لديه فإن اجتمعت هاتان الصفتان به قبلت روايته ما لم يكن به ما يخل بعدالته أو ضبطه
يمكنك من خلال هذه المقالة الاطلاع على لمحة عن الضبط في الحديث وفروع اختلاله
تعريف الضبط
- الضبط يعني أن يكون الراوي:
“متيقظاً غير منفعل، حافظاً إن حدَّث من حفظه، ضابطاً لكتابه إن حدَّث من كتابه،
وإن كان يُحدّث بالمعنى اشترط فيه مع ذلك أن يكون عالماً بما يحيل المعاني”. - هذه الصفة تؤهل الراوي لأن يروي الحديث كما سمعه
مقياس ضبط الراوي عند العلماء
لخَّص ابن الصلاح هذه المقاييس بقوله:
“أن نعتبر -أي نوازن- رواياته بروايات الثقات المعروفين بالضبط والاتقان، فإن وجدنا رواياته موافقة ولو من حيث المعنى لروايتهم أو موافقة لها في الأغلب والمخالفة نادرة، عرفنا حينئذ كونه ضابطاً، وإن وجدناه كثير المخالفة لهم عرفنا اختلال ضبطه ولم نحتج بحديثه”.
فروع اختلال الضبط
أ- لا يقبل حديث من عرف بقبول التلقين في الحديث:
ومعنى التلقين أن يعرض عليه الحديث الذي ليس من مروياته
ويقال له: إنه من روايتك، فيقبله ولا يميزه، وذلك لأنه مغفل فاقد لشرط التيقظ، فلا يقبل حديثه.
ب – لا تقبل رواية من كثرت الشواذ أي المخالفات، والمناكير أي التفرد الذي لا يحتمل منه:
جاء عن شعبة أنه قال: “لا يجيئك الحديث الشاذ إلا من الرجل الشاذ”، وعلة هذا أنه يدل على عدم حفظه.
ج- لا تقبل رواية من عرف بكثرة السهو في رواياته، إذا لم يحدث من أصل مكتوب صحيح:
لأنَّ كثرة السهو تدل على سوء الحفظ أو التغفيل، فلا يكون الراوي ضابطاً.
د- ورد عن ابن المبارك وأحمد بن حنبل والحميدي وغيرهم أنَّ من غلط في حديث وبيِّن له غلطه فلم يرجع عنه وأصرَّ على روايته لذلك الحديث سقطت رواياته ولم يكتب عنه
وفي هذا نظر، وهو غير مستنكر إذا ظهر أنَّ ذلك منه على جهة العناد أو نحو ذلك.
ه- لا تقبل رواية من يتساهل في نسخته التي يروي منها إن كان يروي الحديث من كتاب:
كمن يحدث من أصل غير صحيح أي من كتاب أو مكتوب غير مقابل على الأصول المسموعة المتلقاة عن المصنفين بالسند الصحيح
تساهل المتأخرين في شروط الراوي
بيَّن الإمام ابن الصلاح أمر ذلك وأوضحه فقال: “أعرض الناس في هذه الأعصار المتأخرة عن اعتبار مجموع ما بينا من الشروط في رواة الحديث ومشايخه، فلم يتقيدوا بها في رواياتهم، لتعذر الوفاء بذلك على نحو ما تقدم أو كان عليه من تقدم.
قال البيهقي: “فمن جاء اليوم بحديث لا يوجد عند جميعهم لم يُقبل منه، ومن جاء بحديث معروف عندهم، فالذي يرويه لا ينفرد بروايته، والحجة قائمة بحديثه برواية غيره، والقصد من روايته والسماع منه أن يصير الحديث مسلسلاً بحدَّثنا وأخبرنا، وتبقى هذه الكرامة التي خصصت بها هذه الأمة شرفاً لنبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم”.