لمحة
الحكمة هي فعل ما ينبغي، على الوجه الذي ينبغي، في الوقت الذي ينبغي.
قال النَّووي: الحكمة هي عبارة عن العلم المتَّصف بالأحكام، المشتمل على المعرفة بالله تبارك وتعالى، المصحوب بنفاذ البصيرة، وتهذيب النَّفس، وتحقيق الحقِّ، والعمل به، والصدِّ عن اتِّباع الهوى والباطل، والحَكِيم من له ذلك.
ومن الحكمة هذا القول: ينبغي للعاقل أن يدع التماس ما لا سبيل إليه، وإلا عدَّ جاهلاً، كرجل أراد أن يجري السفن في البر والعجل في البحر، وذلك ما لا سبيل إليه.
ما أفضل المعرفة؟
قيل لقس بن ساعدة: ما أفضل المعرفة؟ قال: معرفة الرجل نفسه.
قيل له: فما أفضل العلم؟ قال: وقوف المرء عند علمه.
قيل له: فما أفضل المروءة؟ قال: استبقاء الرجل ماء وجهه.
قالوا عن الحكمة
“لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق، ولا غنى كرضا عن الله، وأحق ما صبر عليه ما ليس إلى تغييره سبيل”.
“أفضل البر الزحمة، ورأس المودة الاسترسال، ورأس العقوق مكاتمة الأدنين، ورأس العقل الإصابة بالظن”.
“التفكر نور والغفلة ظلمة، والجهالة ضلالة، والعلم حياة، والأول سابق، والآخر لاحق، والسعيد من وعظ بغيره.”
” عليكم بثلاث: جالسوا الكبراء، وخالطوا الحكماء، وسائلوا العلماء”.
جلساتٌ وأحاديث لا تُملّ
اجتمع عمرو بن الظرب العدواني، وحممة بن رافع الدوسي عند ملك من ملوك حمير، فقال: تساءلا حتى أسمع ما تقولان.
فقال عمرو لحممة: أين تحب أن تكون أياديك؟ قال: عند ذي الرثية العديم، وعند ذي الخلة الكريم، والمعسر الغريم، والمستضعف الهضيم.
أحقُّ الناس بالمقت؟ قال: الفقير المختال، والضعيف الصوال، والعي القوال.
فمن أحقُّ الناس بالمنع؟ قال: الحريص الكاند، والمستميد الحاسد، والملحف الواجد.
أجدر الناس بالصنيعة؟ قال: من إذا أعطي شكر، وإذا منع عذر، وإذا مطل صبر، وإذا قدم العهد ذكر.
أكرم الناس عشرة؟ قال: من إذا قرب منح، وإذا بعد مدح وإذا ظلم صفح، وإذا ضويق سمح.
ألأم الناس؟ قال: من إذا سأل خضع، وإذا سئل منع، وإذا ملك كنع، ظاهره جشع، وباطنه طبع.
أحلم الناس؟ قال: من عفا إذا قدر، وأجمل إذا انتصر، ولم تطغه عزة الظفر.
أحزم الناس؟ قال: من أخذ رقاب الامور بيديه، وجعل العواقب نصب عينيه، ونبذ التهيب دبر أذنيه.
أخرق الناس؟ قال: من ركب الخطار، واعتسف العثار، وأسرع في البدار قبل الاقتدار.
أجود الناس؟ قال: من بذل الموجود، ولم يأس على المعهود.
قال: من أبلغ الناس؟ من جلى المعنى المزيز باللفظ الوجيز، وطبق المفصل قبل التحريز
من أنعم الناس عيشاً؟ قال: من تحلى بالعفاف، ورضي بالكفاف، وتجاوز ما يخاف إلى ما لا يخاف.
فمن أشقى الناس؟
قال: من حسد على النعم، وسخط على القسم، واستشعر الندم، على فوت ما لم يحتم.
من أغنى الناس، قال: من استشعر اليأس، وأظهر التجمل للناس، واستكثر قليل النعم، ولم يسخط على القسم.
فمن أحكم الناس؟ قال: من صمت فادكر، ونظر فاعتبر، ووعظ فازدجر.
من أجهل الناس؟ قال: من رأى الخرق مغنما، والتجاوز مغرمًا.
قال الرياحي في خطبته بالمربد عن الحكمة
يا بني رياح، لا تحقروا صغيرًا تأخذون عنه، فإني أخذت من الثعلب روغانه، ومن القرد حكايته
ومن السنور ضرعه، ومن الكلب نصرته، ومن ابن آوى حذره
وتعلمت من القمر سير الليل، ومن الشمس ظهور الحين بعد الحين.