كتاب الأحلام تغزو الأرض للكاتب محمد كامل عبارة عن مجموعة قصصية تضم عددًا من القصص القصيرة والقصص القصيرة جدًا. تدور غالبية القصص في عالم مغاير و خيالي. تقودهم الاحلام إلى تحقيق ما يصعب عليهم تحقيقه في الواقع. فتثور على حياتهم البائسة وتحاول تحريرها. و منها قصص عن عالم ما بعد الموت ومحاولة الاقتراب ثانية والعودة إلى الحياة. ومنها ما يعبر عن أزمات نفسية في عقول ابطلها. فيحاولون التمرد على حياتهم والخلاص منها.
تعبر قصص أخرى عن الخيانة التى يعيش في محيطها بعض الناس، وما تسببه من ألام في نفوسهم لا يمكن مداواتها. تعرج بعضها إلى أعماق النفس البشرية وما بها من عجز، وما يسببه الغياب والفراق من جروح غائرة بداخلها، فتتفكك الأسر المترابطة وتفقد الأنتماء والمشاعر الحانية.
ومنها ما يتحدث عن أزمة الوباء الجديد وما دمره من مشاعر سامية. وترك أثاره المؤلمة في القلوب الحائرة. وتتناول بطريقة مختلفة
الأحساس بالضياع والوحدة، وتحاول ان تطرح الأسئلةعن طبيعة الحياة ومكنون الوجود، وتطلب من القارئ ان يجيب عنها
اقتباسات من كتاب الأحلام تغزو الأرض
قصة َرِحيل
- للمــرة الأولى أشــعر بالفــزع مما يــدور حــولي، تنتابنــي الدهشــة ويرتجــف جســدي، أحــاول تــدارك الأمــر ومعرفــة الأجــواء الجديــدة، ألمح حشــودًا مــن النــاس تلتـف حــولي، يفقــد لســاني قدرتــه عـلـى الـكلام، وفجــأة ينصـرف الجميــع مــن حــولي، هنــاك مــن يقــف عنــد رأسي، تفزعنــي رؤيتهــم ويحتــوي قلبــي الرعــب، يوجهــون أســئلتهم التـي تعلمتهـا منـذ زمـن بعيـد، فيرتجـف قلبـي وينعقـد لسـاني، أفتـش في ذاكـرتي عـن الإجابـات الملائمة، يستحضرني الثبـات فأجيـب عليهـم في ثقــة، تتســلل الطمأنينــة إلى قلبــي، أتعجــب مــن وجــودي في هــذا
- ُالمكان، أتســاءل ولكـن لا أحــدَ يُجيب.
- حـان الآن موعـدي مـع أصدقـائي، تأخـرت عـى لقـائي بهـم، أعلـمِّ أنهـم متضجـرون مـن تأخـري، أحـاول أن أنهـض مـن مـكاني الضيـق، ولكننـي لا أسـتطيع، قيـود تلتـف حـولي مـن كل جانـب، الظلمـة تحيط بهــذا المكان، أشــعر بــأن طيفًــا ينبثــق مــن جســدي، يتحــرك بحريــة وانطـلاق، أشـعر بأننـي غريـب عـن نفـسي، أنطلـق مسرعًـا عائـدًا إلى بيتــي،يصطــف أصدقــائي وأقــاربي في مشــهد غريــب، يلتــف الحــزن
- بالمــكان ويعتصر القلــوب، تتناثــر دمــوع غزيرة مــن الوجــوه التــي ألفــت الصلابــة، أصــوات تتعــالى بالنــواح والألســن تلــوك باســمي.
- أصعـد إلى بيتـي الـذي تبدلـت ملامحـه، نـواح مسـتمر بـلا انقطـاع، في إحــدى الزوايــا تركــن والدتي ويعتصرهــا الحــزن، تــذرف الدمــوع الغزيرة مـن الوجـوه، أفتـش عـن زوجتـي بـن جـدران البيـت العتيق.
- ألمحهـا تنـزوي في ركـن بعيـد شـاردة، جسـدها الجميـل يرتجـف، تنهمـر الدمـوع مـن عينيهـا الزرقاويـن، وكأنهـا فقـدت العـالم بـأسره، النحيـب يتواصـل ولا يتوقـف في أي مـكان.
- في الصبـاح أعـود إلى مسـكني الجديـد، أقابـل مـن طلبـوا مقابلتـي، يقـف أمامـي والـدي الـذي رحـل عـن عاملنـا، حولـه آخـرون أتفحـص وجوههـم، يشـبهون عمـي وجـدي وغيرهـم، حـاصروني بأسـئلتهم عـن أحوالنــا وحياتنــا، أقامــوا حفــلًا لاستقبالي ورددوا عبــارات الترحيــب، وفي المســاء عــدت مــرة ثانيــة إلى البيــت، بــدأَ ْت تــدب فيــه الحيــاة مـن جديـد، تبدلـت الكآبـة واندثـر الحـزن، تخـرج زوجتـي مـن غرفـة نومهـا مرتديـة أبهـى ثيابهـا.
- عـاد كل شيء إلى مـا كان عليـه، يـرن الهاتـف فتجيـب عليـه بعذوبة، تتحـدث مـع آخـر بـدلال، تعلـن قبولهـا الـزواج منـه بعـد انتهـاء مـدة معينــة، احتوتنــي مشــاعر قاســية، ارتجــف جســدي وتصبــب جبينــي بالعرق، أشــعر الآن بغيــابي عــن الوجــود، تركــت البيــت ورحلــت إلى المجهـول، قبعـت سـاكنا بـلا حـراك في مـكاني المظلـم.