You are currently viewing مراجعة كتاب أنا خير منه

مراجعة كتاب أنا خير منه

مشاركة المقالة
Advertisements

كتاب أنا خير منه للكاتب عمر عيسى هو كتاب يناقش ظاهرة اجتماعية منتشرة في المجتمع بكافة فئاته وهي الكبر يبحث عن أسبابها وطرق علاجها من خلال مواقف و حوارات ممتعة وشيقة.
‏المودة والرحمة وخفض الجناح ، أنتِ مني وأنا منكِ ، يسوؤني ما يسوؤكِ ويسرني ما يسرك ،لم يكن الزواج اختبارًا نرى فيه من الأقوى ونثبت أن الرجال أقوى من النساء، بل ليقوم بيت مسلم ثمرته أطفالٌ يذكرون الله ..
‏التكبر: هو القيد بمعناه القبيح، لا وجود فيه لما يبشر بالحرية ، يلقي على القلب والبصر غشاوة تمنعه من رؤية كل شيءٍ جميل .

اقتباسات من كتاب أنا خير منه

عنوان النص : عندما يتحدث المال

Advertisements
  • الأول من فبراير ، كان يوما باردا شديد الأمطار ، كنت مضطرا للذهاب إلى السوق لشراء بعض الحاجيات ، مازالت شوارع المدينة رطبة بالماء ، حاولت أن أختار أكثر الطرق اختصاًرا لأعود سريعًا، فالجو غاية في البرودة ، وبينما أسير رأيت في الجهة المقابلة طفلة تبيع المناديل كانت تبكي بشدة ، لعل ما كان كان يبكيها هو فساد ما تبيعه من الأمطار أو شدة البرودة أو ربما وحدتها في هذا الليل المظلم ، على كل حال لقد اجتمعت لها أسباب البكاء ، مر شخص بسيارته واشترى منها ما كانت تحمله ثم ذهب، لا أدري كيف أصف فرحتها المختلطة بدموعها، اعتقد أنها لو كانت غير مرهقة لملأت المكان بهجة بضحكاتها السعيدة ، ولعلت قفزاتها كطفلة أمسكت لعبتها الجديدة التي انتظرتها طويلا .
  • اشتريت ما أحتاجه وعدت إلى المنزل، بينما أشرب الشاي كنت أنظر إلى أختي وهي تمسك ألعابها ،وتحملها تارة تبتسم وأخرى تضحك ، قلت لوالدتي : أليست هذه الحال التي يجب أن يكون عليها جميع الأطفال يا أمي ، لكن كثيرًا ما يختلف الواقع عن ما يجب أن يكون عليه ، كثير من الأطفال تنقضي طفولتهم أثناء بحثهم عن المال ، البعض منهم قد يختار طريقا جيدًا، والبعض قد يختار أو يُختار له طريقًا غير الذي يجب فتذهب الطفولة وجمالها وبراءتها وتُقتل على كل حال ..لماذا ؟ لأن المال القليل في نظر بعض البشر ،يجرد الشخص من وصف الإنسانية ،ويجلب له الإهانة والوضاعة ،كيف لا وهو يفتقر لشريان الحياة كما يتوهمون .أحيانًا أفكر في أحكام البشر، كيف لورقة نقدية أن تفعل كل هذا ، تقتل طفولة ،وتوقظ شبابًا في شيخوخة، و تسقط حُكْما ، وترفع شخصًا ،وتخفض آخر ، وفي النهاية هي مجرد وسائل ، مجرد وسائل يا أمي..
  • أمي : تلك الورقات التي تتحدث عنها بهذه الطريقة لو لم تكن معك لم تبلغ ما بلغت ، جعلها الله لك نعمه ورزقك بها منذ نعومة أظافرك ، وأنت لم تعان المشقة في الحصول عليها ، فاحمد الله ، ثم إن تلك الورقة التي ذكرتَ فتنة ، فكما رأيت بعضًا من سيئات قلَّتها وانعدامها، فاعلم أن سيئات كثرتها تضاهيها في عددها بل وقد تفوقها وطأة …
  • قلت : كيف تفوق سيئات الكثرة سيئات القِلَّة ؟
  • أمي : حينما يجري المال في يد الإنسان، ويرى أنه يستطيع أن يملك ويحوز به من زخارف الدنيا ما يحلو له ويتمناه من مأكل ومشرب وملبس ومنكح ،وأن يكون له الخدم والحشم ، وأن يتبوأ مراكز الصدارة والتقدم ،فإنه يشعر بالاستغناء الذاتي عن غيره ، فيبدأ بنسيان مصدر النعمة، وبالتالي عدم شكرالله المتفضل بها ، ثم يبدأ بنسبة النعمة إلى نفسه ، فيرى أنها إنما حصلت له بمجهوده وذكائه ، وإن تذكر أنها نعمة من الله رأى أن الله أعطاها له لما له من كرامة عنده وعلو قدر ، وينسى أن المال عارية عنده ، فتعمى بصيرته ويتلمس كل الطرق التي تساعده على جمعه وكنزه وكأنه أصبح خادمًا للمال الذي من المفترض أن يكون خادمه ،وقد سمعت عن صاحب الجنتين الورادة في سورة الكهف ( (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًاكِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا) بدأ الأمر عنده برؤية بستانيه العظيمين وتقلبه في نعيمهما، فبدلا من أن يشكر المنعم سبحانه كفر به وتكبر على صاحبه الفقير بما لا يملكه على الحقيقة، فالمال ملك الله سبحانه، قال تعالى : (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًاوَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا((قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا(
  • ودونك أصحاب الجنة الذين تكبروا بما أعطاهم الله و اتفقوا على منع المساكين حقهم من بستانهم العظيم وعزموا على حصاد ثمره في خفية حتى يمنعوا الخير عن محتاجيه، فعاقبهم الله بذهاب بستانهم الذي منعوا قال تعالى ( إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ * فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ * فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ * وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ * فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * )

وفي الحقيقة يا بني : أرى أن نظرة المجتمع لأصحاب الأموال تكون نقمة عليهم أكثر من كونها نعمه ، فالمجتمع يعظم صاحب المال ويعطيه مكانة أكبر من غيره حتى لو لم يكن يستحقها ، تلك المكانة الكبيرة في غير موضعها ،بالإضافة للاستغناء الذاتي الذي يشعر به تجعل منه متكبرا مغرورًا ، وهذه النظرة الجائرة ليست حديثة ،بل هي منذ قديم الزمان …..

Advertisements

مشاركة المقالة