لمحة
عزة النفس: هي الأنفة والحميَّة، فقد جاء في لسان العرب: أنف مِن الشيء يأنف أنفاً، إذا كرهه وشرفت عنه نفْسُه
من مرادفات الأنَفة: النَّخوة، والعزَّة، وإباء الضيم، والحمية
ويمكن ببساطة أن نختصر ذلك كله بكلمة وحدة وهي”الكرامة”
قال تعالى: {من كان يريد العزة فلله العزة جميعا} [فاطر: 10].
وقال تعالى: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون} [المنافقون: 8].
وسنورد لكم في هذا المقال قصص جميلة عن عزة النفس والكرامة بالإضافة إلى بعض أبيات من شعر العرب عن العزة
عزة الرسول صلى الله عليه وسلم
عن سهْل بن حنَيْفٍ قالَ: جاءَ عمرُ بنُ الخطَّاب، فقال: يا رسولَ اللَّهِ، ألَسْنَا علَى الحقِّ وهمْ علَى الباطِلِ؟ فقالَ: بَلَى.
فقالَ: أَليسَ قتْلانَا في الجنَّة وقتلاهُمْ في النَّار؟ قالَ: بَلى، قالَ: فعَلامَ نعْطِي الدَّنِيَّةَ في دِينِنَا، أنرْجعُ ولمَّا يَحْكم اللَّهُ بيْنَنا وبيْنَهمْ؟
فقالَ: يا ابْنَ الخطَّابِ، إنِّي رسولُ اللَّهِ، ولَنْ يضَيِّعَنِي اللَّهُ أَبَدًا
فَانْطلق عمرُ إلى أبِي بَكْر فَقال له مِثل ما قالَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
فَقالَ: إنَّه رَسولُ اللَّهِ، ولَنْ يضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا، فَنَزَلَتْ سورَةُ الفتْح
فقَرأَهَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى عمرَ إلى آخِرِهَا
فَقالَ عمر: يا رَسولَ اللَّه, أوَ فتْح هوَ؟ قالَ: نَعَم
إنَّا قومٌ أعزَّنا الله بالإسلام
خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشام ومعه أبو عبيدة بن الجراح، فأتوا على مخاضة
وعمر على ناقة فنزل عنها، وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه وأخذ بزمام ناقته، فخاض بها المخاضة
فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين تلقاك الجنود وبطارقة الشام وأنت على حالك هذه؟
فقال عمر: إنا قوم أعزنا الله بالإسلام، فلن نبتغي العزة بغيره.
عزة النفس ليست في كثرة الأموال
العزة ليست في كثرة الأموال واعتلاء المنصب، وإنما بقدر اتصالك بالله.
فالله هو المعز المذل، يؤتي الملك من يشاء ويسلبه ممن يشاء
قال تعالى: {وتعز من تشاء وتذل من تشاء} [آل عمران: 26].
ومن أعزه الله فهو العزيز {ومن يهن الله فما له من مكرم} [الحج: 18].
عزة النفس عند ربعي بن عامر
- طلب رستم وفداً من سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في القادسية
فأرسل سعد ربعي بن عامر، فدخل على رستم - وقد زينوا مجلسه بالنمارق، والزرابي الحرير، وأظهر اليواقيت واللآلئ الثمينة العظيمة
- وعليه تاجه وغير ذلك من الأمتعة الثمينة، وقد جلس على سرير من ذهب، ودخل ربعي بترس وفرس قصير
- ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد
- وأقبل وعليه سلاحه ودرعه، فقالوا له: ضع سلاحك
- فقال: إني لم آتكم وإنَّما جئتكم حين دعوتموني، فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت.
- فقال رستم: ائذنوا له، فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق، فخرق عامتها.
- فقالوا له: ما جاء بكم؟
- فقال: ابتعثنا الله لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله ومن ضيق الدنيا إلى سعتها
- ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه
- فمن قبل منا ذلك، قبلنا ذلك منه، ورجعنا عنه، وتركناه وأرضه يليها دوننا
ومن أبى ذلك قاتلناه أبدا حتى نفضي إلى موعود الله. - قال: وما موعود الله؟
- قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقى
- فخلص رستم برؤساء أهل فارس، فقال: ما ترون؟ هل رأيتم كلاما أوضح ولا أعز من كلام هذا الرجل؟
- قالوا: معاذ الله لك أن تميل إلى شيء من هذا، وتدع دينك لهذا الكلب، أما ترى إلى ثيابه؟
- فقال: ويحكم لا تنظروا إلى الثياب، ولكن انظروا إلى الرأي، والكلام والسيرة.
- ثم كان أن أبى الفرس دعوة الإسلام، واختاروا المناجزة، فنصر الله المسلمين، وهزموا فارس وسبوهم
- وكان “يزدجرد” ملك فارس قد أرسل يستنجد بملك الصين، ووصف له المسلمين
- فأجابه ملك الصين: إنه يمكنني أن أبعث لك جيشاً أوله في منابت الزيتون -أي الشام- وآخره في الصين
- ولكن إن كان هؤلاء القوم كما تقول، فإنَّه لا يقوم لهم أهل الأرض
فأرى لك أن تصالحهم، وتعيش في ظلهم وظل عدلهم.
شعر عن عزة النفس
ممَّا ورد عن رفض الذل والحفاظ على عزة النفس والكرامة ما قاله عنترة:
فَلا تَرضَ بِمَنقَصَةٍ وَذُلٍّ
وَتَقنَع بِالقَليلِ مِنَ الحُطامِ
فَعَيشُكَ تَحتَ ظِلِّ العِزِّ يَوم
وَلا تَحتَ المَذَلَّةِ أَلفَ عامِ
وقال أيضاً:
لا تسقني ماءَ الحياةِ بذلةٍ
بل فاسقني بالعزِ كأسَ الحنظلِ
ماءُ الحياةِ بذلةٍ كجهنمٍ
وجهنمٌ بالعزِ أطيبَ منزلِ